أصابت حمى الجمال رجال ونساء هذا العصر ، الكل يريد أن يكون جميلا ، فينفقون على جمال الأجسام أموالا طائلة وجهودا لا حصر لها وينشغلون بالتفكير في كل قطعة من أجسامهم كيف تكون مثالية وفي أجمل صورة ويدل على ذلك مواقع التواصل الإجتماعي التي صار فيها التنافس على جمال الأجسام وكمالها إلى حد الهوس ، وهذا أمر ليس طبيعيا ، لأنه يشكل خطرا على قيمة الإنسان ٠ يقول علماء النفس أن الجمال هبة ربانية لكل الناس بدون استثناء وأن العناية به شرط من شروط الحياة الكريمة ، وله مفهوم مادي ومعنوي وله حدود معقولة ومضبوطة خاضعة لقوانين الطبيعة وسننها الكونية ، وكل تجاوز لها ينقلب الجمال إلى قبح٠
كيف يحدد علماء الجمال وعلماء النفس مفهوم الجمال وحب الإنسان للجمال؟
يفسر علماء النفس والجمال مفهوم الجمال بأنه النظام والإنسجام في الشيء فالشيء الذي يدل على توافق عناصره وانسجامها فهو الشيء الجميل سواء أكان ماديا أو معنويا ، مثل الظواهر الكونية : النهار والليل والشمس والقمر والفصول والطبيعة ٠٠٠والحيوان في مكانه الطبيعي والحشرات في مكانها الطبيعي ولإنسان في وضعه الطبيعي والشعور بالإرتياح والصبر والإجتهاد لتغيير وضع غير مريح٠٠٠٠٠ كل هذه مظاهر للجمال الأصلي في الكون٠ والإنسان يبحث عن الجمال في جسمه المادي فقط وأغفل اقترانه بالجانب المعنوي ، وهنا أخطأ لأنه خرق مبدأ التوازن والإنسجام الذي بني عليه الجمال ٠ ويقدم علماء النفس مجموعة من الأسئلة التي يجب أن يطرحها كل من يغير قطعة من جسمه ليصير جميلا: لماذا أريد أن أغير هذا الجزء من جسمي؟ ماذا سيكلفني هذا التغيير على المدى القصير وعلى المدى الطويل على صحتي وعلى نفسيتي؟ هل هي نزوة عابرة؟ أم هي ضرورة قصوى؟ وماهي الآثار الجانبية التي سأتعرض لها بعد حين ؟ وهل سيتوقف الأمر هنا أم سأغير باستمرار؟ أسئلة ضرورية لكبح نزوات الجمال الزائف٠
صرف الأموال القليلة والكثيرة على جمال الصورة٠
النساء أكثر من الرجال في صرف الأموال على الجمال الصناعي ، صحيح أنها تجارة واقتصاد أكثر مما هي جمال ، وصحيح أن البشر يحب الجمال بأي ثمن لكن كما ذكرنا هناك حدود لابد من الوعي بها ، وهي الاقتصاد في طلب الجمال المادي لأن الإسراف في طلبه ينقلب إلى مرض نفسي واضطراب سلوكي وتدهور الثقة بالنفس ، فالمرأة التي تجري وراء المساحيق والموضات وتغييرات الأجزاء من جسمها أو وجهها ؛ تسقط في إدمان الحرص على المظهر الذي هو سائر نحو النقصان وخاضع لقانون الخلق ، وهو الطفولة والشباب والشيخوخة ، ولا يمكن تغيير هذا القانون ، لذلك يجب النظر إلى الجسم بصورة منطقية بعيدة عن الوهم ٠
الجمال الحقيقي ؟
ليس هناك مقاييس محددة لجمال الشكل ، فالإختلاف سيد الموقف ، ولا مجال للمقارنة بين جمال وجمال ، ولأن الجمال هو كل ما يستقر في النفس ويريحها وترتبط به بعلاقة روحية ، وليست العين وحدها تحكم على قيمة الجمال ، بل كل النفس والجوارح ، والعقل والوعي الباطني تعمل جميعا لتحديد ماهو جميل٠لذلك ليس هناك اتفاق على تحديد جمال الشكل والصورة سوى المقاييس التجارية التي تغري بشكل معين من أجل الدفع إلى الإعتقاد وفعل الإقبال ٠ لذلك يقول الخبراء في علم الجمال يجب أن يعتدل كل من المرأة والرجل في طلب جمال الشكل ، فهو مطلب ضروري ومؤكد ويدخل في نظام الكون ، ولكن دون إيذاء النفس والروح فإذا هيمن الشكل على الروح وعلى العقل انقلب الجمال إلى قبح أو إلى هيكل بدون روح٠
تعليقات
إرسال تعليق