تتنافس الأسر العربية في الانجاب ، وتعتبر أن من أنجب عددا أكبر من الأطفال هو الذي يضمن لسلالته الاستمرارية والقوة والقيمة ، وقد استمد الناس هذه الفكرة من النظام الرعوي القديم حيث كانت الأسرة تعتمد على الفلاحة ورعي الغنم ، ولابد للأب من خلف بعدد كبير يقوم بمهام العمال ويملأ البيت والمزرعة ، وكان هؤلاء الأطفال منهم الذكور خاصة يتولون شؤون الزراعة وتربية الماشية ، وبقيت هذه الفكرة مسيطرة على العقلية العربية إلى اليوم ولم يستطع المجتمع تغييرها٠ ولازال كثير من الأسر يتنافسون على إنجاب أكبر عدد من الأبناء حتى ولو كانوا فقراء لايملكون شيئا ٠
الفقر والجهل وكثرة الإنجاب؟
هذه الظاهرة تسود في العالم الثالث بصفة عامة وفي المجتمعات العربية بصفة خاصة تجد الأسرة بسبعة أبناء ذكورا وإناثا أو ثمانية ، ويمكن أن تكون الأسرة بتعدد الزوجات ويكون عدد الأبناء مضاعفا ، مع الفقر والبطالة والأمراض والانحرافات والاجرام والخلل العقلي والنفسي ، والصراعات المادية والمشاكل الأخلاقية والتشرد والتخلي ٠٠٠٠، وتكون جرائم الأسر منتشرة خاصة ضد الأب أو الأم لأن الولد عندما يصل إلى النضج يستوعب وضعيته الصعبة داخل أسرة لا تستطيع تلبية حاجته الضرورية في الأكل والملبس و المسكن والتعليم والصحة وبناء المستقبل ، فينقلب على أسرته ويتهمها بالظلم ويرتكب جرائم ضد أصوله ٠ ويتعاطى للمخدرات والمسكرات فتصبح الأسرة بؤرة موبوءة ، تهدد أمن المجتمع٠
يجب على الأسر العربية تغيير العقلية ؟
لم يعد نظام الحياة الأسرية كما كان قديما رعويا وزراعيا ، ولا يمكن للأسرة أن تنجب عددا كبيرا من الأطفال يتعدى قدرتها المادية ، وليس بإمكان الطبقات المعوزة ولا المتوسطة الدخل ولا حتى الميسورة أن تنجب أعدادا من الأطفال ، لأن المسؤولية ليست فقط مادية ، بل صارت الحاجة اليوم إلى بناء طفل متكامل الشخصية نفسيا وعلميا وأخلاقيا ويلزمه مراقبة ومتابعة حتى يصل إلى بر الأمان ، وليس من السهل اليوم في عصر معقد غير بسيط وغير واضح المعالم أن تكون فيه رعاية الأطفال سهلة أو تترك على طبيعتها ؛ بل إن تربية طفل واحد تلزم شروطا وقيودا ثقافية و تربوية يجب على الآباء الوعي بها٠
تعليقات
إرسال تعليق