حماية الأبناء من الانحراف مسألة ليست سهلة إطلاقا ، لأن أسباب الانحراف صارت متاحة اليوم في عصر التكنولوجيا ، والتربية التقليدية لم تعد صالحة خاصة تلك التي تعتمد على الأوامر والنواهي بدون نقاش أو شرح أو إقناع٠ وهم يشاهدون يوميا أنواعا وأصنافا من أقرانهم يعيشون الحرية و يحققون رغباتهم كما يحلوا لهم ٠ ويقارنون بين حياتهم وحياة النجوم السنمائية ونجوم مواقع التواصل الذين يقدمون لهم مجموعة من الأفكار والآراء والمظاهر الجذابة في السلوك واللباس وردود الأفعال ، وكل شاب أو شابة أو مراهق أو مراهقة وكل طفل وطفلة يجدون نموذجا من الأشخاص الذي يودون أن يكونوا مثلهم في كل شيء ، ثم يأتي الأب والأم ويقفون في مواجهة هذا السيل التكنولوجي الجارف وفي مواجهة أبنائهم الذين ارتفع سقف طلباتهم٠
كيف يواجه الأب والأم متطلبات أبنائهم كي لا ينحرفوا ؟
كثير من الأمهات خاصة يحلمن بمستقبل زاهر لأبنائهن ويحاولن أن يكن منفتحات على العصر التكنولوجي ويوفرن الهواتف المحمولة واللوحات الإلكترونية والحواسيب وغير ذلك بحسب المستوى المادي ، وكثيرا ما يكون الآباء أكثر صرامة في رفض الانفتاح بشكل كبير على الوسائل التكنولوجية لما تحمله من تفكير استهلاكي تزرعه في الشباب والصغار وتمنعهم من التفكير العلمي الدراسي وبناء مهنة قارة ومضمونة بالتكوين والتداريب والخبرات ٠ ولكن المشكل الكبير هو أن غالبية الآباء لا يعرفون الطريقة المعتدلة للتعامل مع التطور التكنولوجي السريع وعلاقته بالتربية الجيدة ، لذلك يسقطون في المبالغة والتطرف ، وتعنيف الأبناء ، واتهامهم بالانحراف واتهامهم بالفشل ثم التدخل الشديد في أمورهم ومنعهم من حرية التعبير عن آرائهم ومنعهم من استعمال الهواتف الذكية خارج الدراسة ، أو حتى في الدراسة أو يحرمونهم منها عن قصد أو لعدم توفر الإمكانيات ، ويلي ذلك حرمانهم من التفسير والشرح والتواصل وذلك سيؤدي إلى انحراف الشباب والمراهقين والأطفال بعشر سنوات فما فوق مباشرة من أجل البحث عن البدائل خارج الأسرة ٠
الوقاية من الانحراف تبدأ بالحرية والتواصل٠
يؤكد علماء النفس على التربية بالحرية والتواصل. ويفسرون هذه القاعدة بما يلي : كل ممنوع مرغوب بمعنى كلما منعت الطفل والمراهق والشاب من شيء يحتاجه كلما تمسك به أكثر وعمل كلما في وسعه لكي يحصل عليه ولو بالانحراف ض لذلك يؤكد الخبراء على التعامل مع هؤلاء الأبناء بالمرونة والتفاهم وشرح لماذا نعم ولماذا لا بالحجة والدليل وليس بالأمر والنهي وحدهما ، وتقديم نماذج واضحة من الواقع لكل شيء يطلبونه لبيان عواقبه ونتائجه على حياته هو بنفسه وعلى مستقبله ومن المهم جدا أن يكون الأب والأم على قدر من المعرفة التكنولوجية وأن يكون الهاتف الذكي واللوحات الإلكترونية والحاسوب جزءا من الثقافة الأسرية. بحيث يمتلك كل من الأب والأم هاتفا ذكيا ويتقنان استعمال تطبيقات عديدة بحسب الحاجة ويدركان أن هذه الوسائل صارت ضرورة وليست ترفا. وأن مناقشة المواضيع التي كانت قديما طابوهات قد صارت اليوم شائعة بين الكل فلا داعي لإخفاء الرأس بين الأكتاف وادعاء معرفة ما لا يعرفه الآخرون ٠
تعليقات
إرسال تعليق