كثير من الناس لا يطرحون هذا السؤال : كيف هي علاقتهم بأبنائهم هل هي صداقة ومودة يشعر بها الأبناء ؟ أم هي تسلط واستغلال وتصغير ؟ في العالم العربي يعتقد كثير من الآباء أن أبناءهم مهما كبروا فهم صغار ويتعاملون معهم على هذا الأساس فيمارسون عليهم سلطة الآمر على المأمور في كل مراحل أعمارهم ويستغلونهم ماديا ومعنويا لأنهم يعتبرونهم ملكا لهم و لهم الحق في استعمالهم كوسيلة لتحقيق ما لم يحققانه في حياتهما قبلهم وبعدهم مثلا أب عاطل أو ضعيف المداخيل المادية يستعمل ابنه للعمل والإتيان بالمال ويدفعه إلى أعمال شاقة ويجبره على إعالة الأسرة كلها ، وإذا رفض أو عجز أو غضب فهو من المغضوب عليهم وكذلك الأم مع ابنتها تجبرها على العمل في أشغال البيت والعمل خارجه ليس من أجل نفسها ومستقبلها وحريتها ولكن من أجل أمها وحياة أمها وسعادة أمها ، وإذا رفضت أن تصرف من جهدها ما لا تطيقه أو من مالها ما لا يكفيها فهي من المغضوب عليهم ، هذه الوضعيات كثيرة تجعل الأبناء يعيشون فقط من أجل إرضاء آبائهم وليس من أجل بناء مستقبلهم ٠
استغلال الآباء لأبنائهم تسلط واعتداء على حقوقهم؟
تعد ظاهرة تسلط الآباء على أبنائهم شائعة في المجتمعات العربية بحكم التقاليد المتوارثة ، و لها نتائج وخيمة أخطرها التفكك والهروب من الأسرة أو الخضوع لها وتخصيص حياتهم كلها لخدمتهم حتى يفقد الأبناء خصوصيتهم وشخصياتهم ويصبحون تابعين وخاضعين حتى بعد زواجهم وتحمل مسؤولية أسرهم الجديدة ، يبقون تحت رحمة أوامر آبائهم ، فنجد آباء جدد ضعيفي الشخصية لا يستطيعون اتخاذ قرارات حرة في شؤون أنفسهم ولا أسرهم بل نجد كثيرا منهم بعد زواجهم يسكنون مع آبائهم ليبقوا تحت سلطتهم ينفدون رغباتهم ويسيرون وفق نظامهم ، ويؤكد علماء النفس والاجتماع أن ظاهرة تسلط الآباء على أبنائهم في العالم العربي قديمة ومتوارثة وهي اعتداء على حقوقهم الإنسانية ولها عواقب وخيمة على تطور المجتمع بحيث تفرز أشخاصا خاضعين وضعيفي الشخصية أو منحرفين لا يثقون في الأهل ويهربون منهم ٠
الخبراء يوجهون تحذيرا للآباء من تسلطهم و اعتدائهم على أبنائهم٠
يحذر الخبراء في التربية وعلم النفس نوعية الآباء المتسلطين على أبنائهم والذين يعتقدون أنهم يملكونهم ومن حقهم أن يستعملوهم في رغباتهم ويعوضون بهم نقصهم ويقولون لهم لقد ولدناكم لتقوموا بشؤوننا المادية والمعنوية وإذا لم تفعلوا فأنتم من المغضوب عليكم ، فبضطر الأبناء إلى الخضوع في البداية لهذا الحكم لأنهم يحتاجون آباءهم ، ولكن بمجرد أن يستقلوا ماديا فإنهم يمارسون الهروب أو يصابوا بأمراض نفسية وعصبية مزمنة بسبب حرمانهم من كرامتهم وحريتهم وطموحهم ، وحرمانهم من جني ثمار عملهم والاستفادة من مالهم فقد نهب هؤلاء الآباء أموال أبنائهم وجهدهم وصحتهم ولايزالون كذلك حتى شاخوا وهرموا ولم يحققوا شيئا سوى أنهم خدموا آباءهم الذين أكلوا نصيبهم ونصيب أبنائهم ، لذلك يحذر الخبراء الآباء المتسلطين من خطورة تفكيرهم ويدعونهم إلى فهم حدود التربية ، تربية الأبناء على الحرية والصداقة والكرامة فأنت حين تلد فإنك تلد إنسانا حرا وليس من حقك أن تحوله عبدا لك ولنزواتك٠
تعليقات
إرسال تعليق