الطفل طرف في صراع الأبوين شئنا أم أبينا ولا يكذب أحد على نفسه ويدعي أنه بالإمكان عزل الأطفال عن صراع الأبوين، فسلوك الأب تجاه الأم أو سلوك الأم تجاه الأب يصدر عنهما بدون قيود لا مكانية ولا زمانية ، والطفل شاهد ومتابع وفاهم ومدرك بحواسه ومشاعره هذه العلاقة ويفهم بسرعة جميع أنواع الرسائل وحتى المشفرة التي تقع بين أبويه ، بدليل أنه يحزن للرسائل السلبية ويتملكه الخوف ويفقد الشعور بالأمن والأمان، ويعبر إما بالبكاء أو بالحزن الصامت أو بالتمرد أو بالتساؤل ، وأما عندما يفهم الرسائل الإيجابية فإن أول شعور ينتابه هو الشعور بالأمن والأمان لأن مقام الأب ومقام الأم هو موطن الأمان وإذا أصيب هذا المقام بالإفلاس أصيب الطفل في صميم وجوده ٠
هل يمكن عزل الطفل عن صراع أبويه؟
يؤكد علماء النفس والإجتماع على أن الطفل لا يمكن عزله عن صراع أو توافق أبويه فهو الشاهد الوحيد والحقيقي على علاقة أبويه، منذ مرحلة الرضاعة، فهو يشعر بالتوتر الذي يقع في الكلام بين والديه خاصة في السنة الأولى، بحيث يكون الطفل الشاهد على العنف اللفظي والعنف الجسدي شديد البكاء لأتفه الأسباب ، والسبب هو شعوره بالخوف، الذي يكبر معه ويخلف في نفسه نظرة متشائمة للكون والعالم والناس ، لذلك نجد في المجتمعات التقليدية كثيرا من الأشخاص مرضى نفسيين يعجز الطب عن علاجهم ويورثون هذه الحالة لأبنائهم، في تربيتهم فتجدهم يربون أبناءهم على الحقد والكراهية و وصف العالم بالشرير لأنهم جميعا عاشوا حرمانا عاطفيا وفكريا وثقافيا ، وتعلموا أن لا أحد يستحق المحبة ، هكذا تعيش المجتمعات البدائية التي غاب عنها الوضوح في العلاقات الأسرية والاجتماعية وحل محله الغموض في التواصل والعنف في التعبير ٠
كيف يمكن تعايش الطفل بإيجابية مع الصراع الأبوي؟
يحذر علماء النفس من خطورة مرحلة الرضاعة إلى حدود خمس سنوات، هذه المرحلة يجب أن يكون فيها الأبوان إما حاضرين معا بتوافق تام وإما أن ينفصلا تماما إذا انعدم التوافق بينهما لأن هذه المرحلة هي بناء البنية العاطفية والشعورية لدى الطفل ولابد فيها من عطف الأبوين معا ولابديل عنه ، أما في ما بعد ذلك فإن الحوار ضروري ومؤكد ، يجب تفسير كل شيء للطفل بطريقة إيجابية بدون ذكر العيوب نهائيا، مثلا عند وقوع شجار عنيف وكان الطفل شاهدا حاضرا يجب تفسير سبب الصراع بطرق مخففة كأن تقول الأم للطفل مزاج أبيك اليوم ليس على ما يرام أو يقول الأب نفس الكلام عن الأم ثم تعوض تلك اللحظات العنيفة بلحظات جميلة ما أمكن، ولكن ليس معنى هذا أن الطفل لم يفهم أو لم يشهد، بل إنه سيسجل هذه اللحظات في ذاكرته و يقارن بينها وبين لحظات آتية، فإن تكرر الموقف العنيف مرارا و لم يتوقف فإنه يستقر لديه أن الأبوين عدوان وهو مجبر أن يعيش بينهما، لذلك ينصح علماء النفس بأن يعمل الأبوان على تجنب الشجار ما أمكن إلى إيجاد حل للعلاقة ٠

تعليقات
إرسال تعليق